عقب مثول الغنوشي أمام القضاء.. تونس تسابق الزمن للوصول إلى استفتاء الدستور

عقب مثول الغنوشي أمام القضاء.. تونس تسابق الزمن للوصول إلى استفتاء الدستور
تونس

تسابق تونس الزمن للوصول إلى استفتاء شعبي على مشروع جديد للدستور، بالتزامن مع التحقيق مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، إثر اتهامه بـ"تبييض أموال"، ما يضع البلد العربي فوق صفيح ساخن.

والثلاثاء، بدأ قطب مكافحة الإرهاب بالعاصمة، التحقيق مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"جمعية نماء التنموية" بشبهة "تبييض أموال".

في حين أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد، مرسوما لإجراء استفتاء شعبي يوم 25 يوليو الجاري على مشروع دستور جديد سيكون بديلا لدستور 2014، عقب مرور عام على توترات سياسية حادة.

ومنذ 25 يوليو 2021، تشهد تونس أزمة طاحنة عقب اتخاذ الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية، منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحل البرلمان ومجلس القضاء، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.

ووفق وسائل إعلام محلية، "حضر الغنوشي بمقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالعاصمة للتحقيق معه، وسط احتشاد العشرات من مناصري حركة النهضة وعدد من قياداتها احتجاجا على ما وصفوه انتقاما من المعارضين".

ونقلت صحف تونسية عن القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري، قوله إن "الغنوشي لا علاقة له بهذه الجمعية لا من قريب ولا من بعيد، اسمه تم ذكره بشكل عابر ولا يوجد أي سبب لتوقيفه".

وقبل أسبوعين، أعلن البنك المركزي التونسي، تجميد حسابات بنكية وأرصدة للغنوشي و9 أشخاص آخرين، استجابة لطلب قاضي التحقيق في "القطب القضائي لمكافحة الإرهاب الأول محكمة مكافحة الإرهاب بالمحكمة الابتدائية" بتونس العاصمة.

وضم القرار إلى جانب الغنوشي أحد أبنائه وصهره وزير الخارجية الأسبق رفيق بن عبدالسلام، ورئيس الوزراء الأسبق حمادي الجبالي ونجلتيه، وآخرين.

فيما قرر القضاء التونسي إطلاق سراح راشد الغنوشي، عقب تحقيق استمر أكثر من 8 ساعات، إذ قال رئيس حركة النهضة في تصريحات إعلامية، إنه يواجه "تهما كيدية واتهامات مسيسة في إطار تمرير مشروع الدستور الجديد".

وأضاف الغنوشي: "مشروع الدستور يكرس الانقلاب والاستبداد والحكم الفردي المطلق، وأحضر اليوم للمثول أمام القضاء التّونسي احتراما له ودعما لوجود سلطة قضائية ‏مستقلة".

وفي الوقت الذي هدد مؤيدو الغنوشي بالتصعيد حال صدور قرار بتوقيفه، اعتبر آخرون أن تونس تسير على خطى ثابتة من أجل إقرار دولة القانون، ومحاسبة الفاسدين والمتورطين بدعم الإرهاب وتمويله وفي مقدمتهم حركة النهضة.

وتعد حركة "النهضة" الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في تونس، وصاحبة أكبر كتلة برلمانية بإجمالي 54 نائبا من أصل 217، قبل إصدار مرسوم رئاسي بحل البرلمان منذ نحو عام.

تقاطع المسارات

بدوره، أوضح الخبير في الشأن السياسي التونسي مراد علالة، إن مثول الغنوشي أمام القضاء هو مطلب طيف واسع من التونسيين، بسبب عدة ملفات وقضايا برزت خلال العشرية الأخيرة أهمها الاغتيالات السياسية وتغول الإرهاب وانتشار العنف وتبييض الأموال وغيرها.

وقال علالة لـ«جسور بوست»: "التحقيق مع الغنوشي في قضية جمعية نماء أمر متوقع، بسبب انتشار ظاهرة الجمعيات الأهلية والتنموية التي تضخ في حساباتها أموال من الخارج لاستخدامها في أغراض سياسية".

وأشار إلى أن تقاطع المسار القضائي بالتحقيق مع الغنوشي مع المسار السياسي بالاستفتاء الشعبي على مشروع الدستور الجديد (مقرر في 25 يوليو الجاري) دفع أنصار الغنوشي إلى التلويح بتوظيف القضاء، مقابل ترويج أنصار الرئيس قيس سعيد لمقاومة لتيار الإسلام السياسي.

وأكد علالة أن الكرة الآن باتت في ملعب القضاء، لا سيما أنه محل للتجاذب بين الأطراف المتنازعة، وبالتالي لا بد أن يُظهر استقلاليته من خلال الحرص على تحقيق العدالة بشكل نزيه.

وتابع: "إطلاق سراح الغنوشي يعد قرارا قضائيا جيدا يبشر باتخاذ القضية في جانب مهني واحترافي، من شأنه أن يقطع الطريق أمام التأويلات السياسية".

واختتم علالة حديثه قائلا: "يجب إنصاف البريء ومحاسبة المخطئ بعيدا عن تصفية الحسابات السياسية، خاصة أن تونس دفعت ثمنا باهظا تكلفة الإفلات من العقاب خلال العشرية الماضية". 

ووفق مشروع الدستور الجديد، فإن لرئيس الجمهورية أن يعين رئيس الحكومة وأعضاءها باقتراح من الأخير، وللرئيس الحق أيضا أن ينهي مهام الحكومة أو عضو منها تلقائيا أو باقتراح من رئيس الحكومة، ولا يُسأل (في إشارة للرئيس) عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه مهامه.

وأثار مشروع الدستور الجديد جدلا واسعا وانتقادات في البلد العربي المأزوم، في الوقت الذي دعا فيه الرئيس التونسي، المواطنين إلى التصويت بـ"نعم" في الاستفتاء الشعبي المقرر يوم 25 يوليو الجاري.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية